نعم احتجت يومًا لحذاء لكي أعيِّد به، ونعم احترت بين تسديد ديون طعامي وعلاج أبي، ولكن في النهاية اكتشفت قوةً رهيبة داخلي، قوة تغلب السحر والدجل، وتنشر الخير والسلام، وكان عليَّ استغلالها.
مسيحي حقيقي:
اسمي “جوزيف ماكير قوردون مانييل كير”، من مواليد عام 1960م، ولدت في أسرة مسيحية، واعتمدت عام 1967م، ولكنني لم أكن مسيحيًا حقيقيًا، فتركت أسرتي بعد ذلك، وذهبت للدراسة في “الأبيض”، ثم بعد الأجازة إلى منطقة “كنانة”.
وهناك في”كنانة”، كان هناك قس يدعى “بيتر مانقوج”، وكان يتكلم من إنجيل متى 5 : 13 – 17, عن الملح والنور، وكان يقول أن كثير من الناس يسمون أنفسهم أنهم مسيحيون ولكنهم ليسوا ملح ولا نور وليس لهم علاقة بالرب يسوع المسيح أبدًا، ولم يخدمونه أبدًا، بل يخدمون العالم وشهواته”.
فمس قلبي هذا الكلام بقوة، وطلبت من الرب يسوع المسيح أن يكون مخلصًا شخصيًا لحياتي، وصليت له قائلاً: “إن كنت تريدني أن أخدمك حقًا في هذا البلد، فاسمح لي بأن أجد فرصه للعمل بكنانة”، وتحققت الطلبة، ووظفت بكنانة كفني مكنات بأحد المصانع.
تحديات العمل:
بعد أن اختبرت المسيح مخلصًا، كنت أشاركه في كل تفاصيل حياتي، وخاصةً في تحديات العمل المختلفة، وأذكر أنه في يوم من الأيام، كنت أعمل باليومية، ولم يكن عندي حذاء لكي أعيد به، ففكرت في قلبي، أن لا أصرف المرتب وأعمل يومًا زائدًا لأتمكن من شراء الحذاء، وذهب الجميع إلى منزله وبقيت بالكنيسة وحدي أقوم بطلاء الكنيسة.
وفي الصباح ذهبت إلى العمل، وهناك تقابلت مع خواجه اسمه “جاك”، وكان في يده حذاء مقاس 12، وكان يقول: “أنا منتظر المبشر جوزيف، ليأخذ هذا الحذاء، ويعطيه لأي شخص مسكين في الكنيسة”، فلما وصلت سلمني الحذاء.
وفي المساء ذهبت لمجلس الكنيسة، وقلت لهم هذا الحذاء استلمته في الصباح، لأعطيه لأي شخص مسكين محتاج في الكنيسة، فاجتمع المجلس، وفتشوا علي المسكين، ولم يجدوا، وفي النهاية قالوا: “هذا المبشر هو محتاج أيضًا”، وأعطوني الحذاء، وكان مقاسي بالضبط، وعلمت حينها أن الرب سمع كلامي، وأنه كفيل بتسديد كل احتياجاتي في كل وقت.
وأذكر مرة أخرى أنني كنت أعمل في مصنع، وكنت أكل فيه بالديون، وأدفع ثمن طعامي في نهاية الشهر، ولكن يحين جاء موعد تسديد الدين الشهري، مرض والدي فجأة، واحترت هل أسدد الدين؟ أم أذهب وأعالج أبي؟
ولكن رجعت لنفسي وقررت أن أسدد الدين، وصليت: “يا رب من فضلك اجعلني أجد القروش وسأقوم بدفع الدين فورا”، وعندما رجعت وجدت القروش، وبدون أن أمر بأبي، ذهبت إلى السوق وسددت الدين، ثم جئت إلى البيت وأخبرت أبي، فقال لي: “ما عملته أفضل شيء، لأن سداد الدين جزء من العلاج، وعندما نسدد الديون، يسدد الله احتياجاتنا”.
القروش أضعاف:
وبعد عدة شهور، كنت في البيت أسكن مع بعض أفراد الأسرة، وجاءني “جوزيف منبونج”، وقد طُرد من العمل بمصنع كنانة للسكر، وقال لي: “يا جوزيف لقد فصلت من العمل، وأولادي علي وشك الموت، ويوجد ساحر قوي يستطيع تحويل القروش إلى أضعاف، وعنده أيضًا قوة خارقة للشفاء”.
فقلت له: “أنا لا أومن بتلك الأشياء”، وسألته: “ماذا تريد أن تفعل؟”، فقال: “أعطيني قروش، وأنا أذهب بها للساحر، وأنت لن تكون طرفًا في خذا الأمر”، فرفضت أيضًا، ولمدة أسبوع كنا نتكلم في هذا الموضوع، وفي النهاية قلت: “إذا حدث ومات هذا الشخص سوف ألوم نفسي علي عدم مساعدته”، فأعطيته ثمانين جنيهًا، وقلت له: “لا أريد أي ربحًا منهم، لكن إن أردت أن تعطيهم للساحر، فهذا شأنك أنت”.
ثم تبعت جوزيف هذا إلى مكان الساحر، وعندما وصلت سألت الساحر: “هل أنت الذي تعمل علي تحويل القروش لأضعاف”، فقال: “نعم”، فقلت له: أنا لست المحتاج، لكن ها هي ثمانين جنيهًا، فاعمل لجوزيف ما يريد، ثم أعدها لي”.
تعطيل السحر:
ولما استلم مني الساحر القروش، توقفت قوته السحرية بالكامل، ولم تتضاعف القروش كما يدعي، حتى عندما ذهب إلى السوق، وبدلهم بقروش أخرى فشلت عملية التحويل أيضًا، فشعر الساحر أنني أنا المعطل، وفكر في قتلي، فكان يدعوني أن آتي له في أوقات متأخرة، وكنت أجده واضعًا السكين أمامه، وكان يتمتم بكلمات هزلية، ويقول أنه يستطيع أن يسحب قوة العالم كله، وكنت أقول له ساخرًا: “افعل ما شئت، لكنك غير قادر على تحويل الثمانين جنيهًا التي تخصني”.
وبعد وقت، ذهبت إلى البوليس، وقدمت بلاغ في هذا الساحر، ولما عرف أن الشرطة تطلبه، هرب هذا الدجال، وترك خلفه نسائه، وكل أدوات السحر، وطرد من المنطقة نهائيا”.
قوة جبارة:
بعد هذا الموقف، تعلمت أن قوة الله فوق أي قوة للسحر أو لإبليس، وعرفت أن الله يريدني أن أستخدم قوته لخير ولبركة الناس، وأن أتوسع أيضًا في خدمته.
وفي يوم 25\3\1983م، قمت بتأسيس أول كنيسة، وهذه الكنسية تفرعت إلى ثمانية عشر مركزًا؛ ثلاثة عشر منها يتكلمون باللغة الدينكا، وثلاثة يتكلمون باللغة الشلك، واثنين يتكلمون باللغة النوير، كل هذه المراكز عملت فقط لخدمة ربنا، وربحت نفوس كثيرة.
وبعد عشر سنين، رأت الكنيسة أن تؤهلني لاهوتيًا، فتركت عملي في كنانة، وانضممت لدراسة اللاهوت، ورسمت قسيسًا في يوم 14\8\1994م، وتدرجت في خدمة الكنيسة حتى أصبحت رئيس مجمع “ابونق”؛ وهو أحد مجامع الكنيسة المشيخية في جنوب السودان، وأنا سأخدم الله حتى نهاية حياتي، الخدمة التي دعاني خصيصًا إليها.